ركح الحمامات ينبض بالحب والتسامح في عرض''BLACK AND WHITE CIRCUS''
ونبضت الحياة على ركح مهرجان الحمامات وتلوّن وانبثق من جانبيه 5 راقصين يتقنون التمثيل وتحريك مشاعر الجمهور وبلغة الجسد انبثقوا من جانبي المسرح ليعلنوا انطلاق عرض " BLACK AND WHITE CIRCUS " لنوال اسكندراني في خامس سهرات مهرجان الحمامات الدولي في دورته السابعة والخمسين الخميس 13 جويلية 2023.
وجمع العرض الذي امتد على ما يقرب الساعة وأربعين دقيقة بين فنون الرقص والسيرك والغناء والتمثيل والسينما والفيديو مابينغ لتجسيد حكاية حب وعنصرية وقضايا مجتمعية منها الهجرة والتهميش من أجل إعلاء راية الأمل.
وتضمن العرض مقتطفات من واقع الممثلين على الركح فشرف الدين التاوريتي في شخصية 'مشموم' تعرض للعنصرية ونعت بأبشع النعوت و'ساكت' الذي جسد شخصيته صبري بن فرج كانت شخصية العرض مطابقة له لأن بداياته مع المجموعة طغى عليها السكوت والهدوء.
أما نوال اسكندراني صاحبة التجربة الثرية، فقد نقشت من واقع الراقصين والممثلين لوحة قريبة منهم حتى تكون صادقة ونابعة من واقع حقيقي يعاني فيه شباب الفن صعوبات تصل إلى ثنيهم عن اختيار الرقص والتمثيل نهجا في الحياة للاسترزاق.
ولم تكتف نوال اسكندراني بطرح مثل هذه المواضيع بل امتدت إلى مجتمعات الأقليات لتمحي كل الحواجز ولتبعثر معتقدات الجمهور الذي دائما ما وضع أحكاما وقواعد مسبقة عند التعامل مع الآخر.
وتماهى الممثلون مع الركح وغنوا وألقوا الشعر وتركوا مجالا للسينما وتقنية الفيديو مابينغ وانتقدوا السياسة والعنصرية والتهميش وامتدوا إلى موضوع الحياة البرية وانقراض الأسد الأطلسي الذي كان الانسان المسؤول عنه وجسدوا القضية انطلاقا من السيرك وامتزجت الموسيقى والأوبرا والسكسفون في لوحة فنية جاذبة..
خفة الممثلين وانسجامهم واختيارهم تكوين مجموعة " BLACK AND WHITE CIRCUS " بعد فشلهم في مسابقة تلفزيونية للمواهب وإصرار حميّدة على تحقيق حلم مليكة التي جسدت شخصيتيهما "مريم بن حميدة" من أجل تكوين فرقة خاصة ثم كان اختيار قصة "عنتر وعبلة " التي يمتزج فيها الحب بالعنصرية لتقديمها للجمهور في عرضهم الأول وذلك لوضع الإصبع على داء يمكن أن يقسّم المجتمع وتناول قضايا حينية لكن نوال اسكندراني صاحبة العمل ترفض دوما النظر كما تقول "إلى نصف الكأس الفارغ" وتدعو إلى " النظر إلى "النصف المملوء" وانتهى العرض كما صرحت لموزاييك بتقديم هدايا للمجتمع حتى يتفكر ويفهمها كما يريد قائلة ليس من دوري أن أعطي دروسا.
كما أضافت أن الفن يعد محملا لتناول قضايا مختلفة من أجل تجميع التونسيين والتفكّر مشددة على أن انجاز عمل فني في الوقت الحالي أصعب من السنوات الماضية وأن الاعتمادات من وزارة الثقافة في تقلص بالاضافة إلى غياب الفضاءات الثقافية التي يمكن أن تحتضن تدريبات العمل الفني.
وانتهت نوال اسكندراني بالتأكيد أن كل شيء ممكن مع ضرورة دفاع الشباب عن أحلامهم ورغباتهم قائلة "الواحد اذا معادش يحلم معادش يعيش" .
وفي العرض سمعنا ضحكات الأطفال وتصفيق الجمهور لمشاهد منها مشهد الساحر والسيرك وانفجار "ساكت" غاضبا من الوضع الذي يعيشه ورغبته في الهجرة من مجتمع اختنق بالعيش فيه، كما رأينا " مشموم " يضحك وفرح بطبيعته كونه أسود البشرة رغم كل عبارات العنصرية التي سمعها ، كما رأينا مؤيد الغزواني يبدع في شخصيته وينتقد مجتمعا يقصي فئة الاقليات الجنسية في لوحات جمعت فنونا عديدة كان الانتقال بينها سلسا مع التأكيد على تمكين الجمهور من الإطلاع على كواليس العرض من تغيير الملابس والسينوغرافيا وغيرها.
عرض " BLACK AND WHITE CIRCUS " جمع بين اختلافات المجتمع من خلال عوالم فنية مختلفة لتتجسد بها أحلام وهواجس الشباب المتطلع إلى السلام والحب والتسامح في مقاومة جليّة لعنصرية ويأس متشبثين بأمل وموهبة فتنقل على الخشبة كل من مريم بن حميدة ومحمد غربي ضياء ومؤيد الغزواني وصبري رجب وشرف الدين التاوريرتي بكل خفة يمثلون ويرقصون ويغنون للحديث عن واقع الفنان المهمش والشاب الذي يحظى بدور الثانوي ليتحول معهم الركح إلى مساحة للتعبير والاحتجاج والرفض .
*هيبة خميري